إن التداول هو واحد من المجالات التي تتطلب متابعة مستمرة وقراءة لا تتوقف. فبالرغم من أن المبادئ الأساسية في هذا السوق ثابتة بشكل عام و لاتتغير مثل قوى العرض و الطلب و أنواع الأسواق المالية وفئات الأصول المتداولة والبيانات الاقتصادية العامة، إلا أن هناك العديد من التغييرات التي تطرأ على الأسواق المالية بشكل مستمر و التي من الواجب على المتداول معرفتها و فهم أثرها على السوق.
من بين أشهر الأمثلة على الجوانب المتغيرة في أسواق المال هو "الترابط" وهو العلاقة بين الأصول المالية المختلفة و تحركاتها ووجهتها القادمة. فالعلاقة بين حركة الذهب و الدولار في الأسواق على سبيل المثال هي علاقة عكسية بشكل عام و ولكن هناك بعض الأوقات و إن كانت نادرة الحدوث والتي يتحرك فيها الدولار و الذهب بشكل متوازي. غالبا يحدث هذا التغيير عندما يلجأ المستثمرون إلى ملاذ آمن حيث يحقق كل من الدولار و الذهب هذه الميزة.
ولذلك على المتداول أن لا يعتمد دائما على معلوماته القديمة بل عليه أن يحسن قاعدة معرفته بشكل مستمر. ومع تقدم التكنولوجيا وتزايد القنوات و المواقع التعليمية المتخصصة في عالم الأسواق المالية أصبحت المصادر التعليمية متوفرة بسهولة و في متناول الجميع مع تفاوت جودتها ودقتها.
قد تتجاوز هذه المعلومات الجديدة في الأسواق المالية النظرات الفنية و تحليلات الأسعار لتشمل ظهور أسواق كاملة جديدة و أدوات مالية مختلفة. ولعل المثال الأوضح هنا هو سوق العملات المشفرة (الكربتو).
قبل العام 2009 لم يكن هناك مايعرف بالعملات الرقمية أو المشفرة و استمر ذلك حتى جاءت البيتكوين والتي كانت أول عملة مشفرة حقيقية يمكن استخدامها لشراء منتجات حقيقية. وعلى مدار السنوات القليلة اللاحقة بدأت عملات رقمية أخرى في الظهور مما دفع المجال للعديد من شركات الوساطة بإضافة هذا النوع الجديد من الأصول المالية إلى قائمة الأدوات المالية المتداولة.
بالرغم من أن أساسيات التحليل الفني ظلت ثابتة إلا أن هناك عوامل جديدة بدأت في الظهور في هذا السوق الجديد والتي لم تكن موجودة في الأسواق السابقة مثل مؤشر الخوف و عدم اليقين و الشك أو مايعرف بFUD اختصاراً.
ظهر هذا المصطلح مع نمو سوق العملات المشفرة و بعد رؤية تقلبات شديدة كانت نابعة عن مشاعر الخوف وعدم اليقين و الشك عند المتداولين. و الآن أصبح هذا المؤشر من أهم أدوات قراءة السوق في عالم العملات المشفرة.
استراتيجيات التعلم المختلفة:
بعد أن وضحنا أهمية التعلم المستمر في مجال التداول سنتطرق الآن إلى بعض طرق التعلم الشائعة.
البعض يميل إلى المقالات المكتوبة و الكتب و المراجع التقليدية في الحصول على معلومات جديدة تخص عالم التداول. ومن إيجابيات هذه المراجع أنها متوفرة بكثرة و يمكن بسهولة ترجمتها إلى أي لغة مع الحفاظ على جودة المحتوى. ولكن يعيب على هذه الطريقة أنها جافة بعض الشيء وخاصة في عالم التداول وذلك لأنه من المهم متابعة تحركات الأسعار بشكل مرئي لترسيخ المعلومات بشكل أفضل.
يميل الكثيرون بالمقابل إلى الفيديوهات التعليمية المسجلة و التي توضح الانماط السعرية و الحركات التاريخية للاسعار و التي تمكن المتداول من تكوين صورة ذهنية عن تحركات الأسواق وهو أمر مفيد جداً عند تحليل الرسوم البيانية في المستقبل.
ولكن أكثر هذه الطرق شعبية و أكثرها حداثة هي الفيديوهات المباشرة التي توضح حركة السوق في الوقت الحالي. فبالإضافة إلى ميزتها في ترسيخ صور ذهنية لأنماط الرسوم البيانية إلا أنها أيضاً تطور من مهارات التداول النفسية حيث تجبر المتداول على التحلي بالصبر و انتظار استكمال حركة الأسعار قبل اتخاذ القرار في تحليل الصفقة.
إن المتداول الناجح هوالذي يدرك أن الأسواق المالية هي عالم متجدد ومتغير باستمرار و لايمكن التغلب عليه بدون التطوير و التعلم المستمر و إيجاد طرق جديدة في الربح.