ما هي العملات الرقمية للبنوك المركزية؟
هي عملات رقمية تصدر بشكل رسمي من البنك المركزي. تكون هذه العملات مبنية على شبكات البلوك تشين في معظم الحالات كبقية العملات المشفرة، ولكن مايميزها هو أنها مستقرة و قيمتها تكون محددة من قبل البنك المركزي المصدر لها، حيث تعادل قيمة العملة المشفرة قيمة العملة التقليدية للبلد المصدر لها.
دوافع ظهور العملات الرقمية للبنوك المركزية
مع ازدياد شعبية العملات الرقمية حول العالم و إثبات جدارتها في تحقيق أهداف الشفافية و السرعة و السهولة في التعامل بدأت الجهات الحكومية في معظم دول العالم في دراسة جدوى نسخ هذه التجربة وتطبيقها على العملات الرسمية.
تهدف هذه الفكرة إلى تعزيز الشمول المالي في هذه الدول و تسهيل تنفيذ السياسات النقدية. حتى الآن هناك العشرات من الدول حول العالم و التي بدأت في مشروع بناء هذا النوع من العملات، بعض هذه الدول قد أكملت بالفعل بناء عملتها الرسمية.
إن العملات الرقمية للبنوك المركزية هي المرحلة القادمة في تطور العملات النقدية. فبعد أن أصبحت معظم التبادلات المالية تتم بشكل إلكتروني وتضاءل استخدام العملات الورقية و المعدنية بشكل كبير مع تقدم الوقت، فإن ظهور العملات المشفرة قد فتح الباب أمام مرحلة جديدة و شكل جديد لهذه العملات.
أهداف ومزايا العملات الرقمية للبنوك المركزية:
إن من أهم مايميز العملات الرقمية سهولة وسرعة عمليات التحويل، كما أنها تتمتع بشفافية عالية مع الحفاظ في نفس الوقت على مستوى عال من الخصوصية. أدت هذه المزايا وغيرها الكثير إلى انتشار العملات الرقمية بشكل واسع على مستوى العالم.
ولذلك رأت العديد من الحكومات حول العالم أن تطبيق هذه التكنولوجيا وتبني العملات الرقمية بشكل رسمي سيجعل نظامها المالي يعمل بكفاءة أعلى و يسهل الكثير من الخدمات على المواطنين مع تخفيف العبء على البنوك و الشركات و الجهات الحكومية في نفس الوقت.
تسعى الحكومات أيضاً من خلال تبني العملات الرقمية للبنوك المركزية إلى تحويل اهتمام العامة من العملات المشفرة الحالية و التي تعاني من مشاكل التقلب السعري ومخاطر كثيرة قد تضر بالأفراد و بالاقتصاد ككل إلى عملات مستقرة ومضمونة من قبل الحكومة.
المخاطر و التحديات المحتملة لتبني العملات الرقمية للبنوك المركزية:
بالرغم من الفوائد العديدة التي قد تلحق بالاقتصاد نتيجة طرح هذا النوع من العملات إلا أن هناك مخاطر محتملة لهذه الخطوة و التي يجب دراستها بشكل دقيق قبل المضي قدماً في هذا التغيير الكبير في النظام المالي.
من أهم هذه المخاطر:
- ضخامة أثر هذه الخطوة على النظام المالي: من الصعب جداً توقع التغييرات التي قد تطرأ على النظام المالي في حال تبني هذه العملات الرقمية بشكل رسمي و ذلك بسبب حجم التغيير الكبير الذي سينتج عن إدخال هذه العملات إلى الدورة الاقتصادية.
- الرقابة و الجرائم المالية: نظراً لتمتع العملات الرقمية بمستوى عال من الخصوصية مقارنة بالعملات التقليدية فإن الحكومات و السطات المالية قد تواجه تحدياً كبيراً في تفعيل عمليات الرقابة ومكافحة الجرائم المالية كغسيل الأموال وغيرها. فالمفاضلة بين الخصوصية و الرقابة تشكل تحدياً ضخماً للحكومة.
- العرضة للاختراقات و الثغرات الإلكترونية: على الرغم من أن شبكات البلوك تشين و العملات الرقمية تتمتع بمستوى أمان رفيع إلا أن كل ماهو إلكتروني يكون عرضة للاختراق. و قد رأينا العديد من عمليات الاختراق التي طالت أشهر العملات الرقمية و منصات التداول. لذلك ستواجه الحكومات تحدياً كبيراً و قد تتكبد تكاليف عالية من أجل تأمين البنية التحتية للعملات الرقمية الحكومية.
بعد التمعن في مزايا و تحديات العملات الرقمية للبنوك المركزية نجد أنه لايزال أمامنا مراحل وخطوات عديدة قبل أن تصبح هذه العملات جزءاً من واقعنا. و على الرغم من أن بعض الدول قد بدأت بالفعل بتبني هذه العملات و جعلها جزءاً من نظامها المالي إلا أن الوقت لايزال مبكراً لإطلاق الحكم على مدى فعاليتها وجدوى استخدامها.