بمجرد النظر إلى الرسم البياني لأي أداة مالية يمكنك رؤية مدى التقلبات السعرية و التحركات المختلفة و السلوك السعري المعقد أحياناً الذي تشهده هذه الأداة على مدار الزمن. فبالرغم من تكرار أنماط سعرية معينة و بالرغم من مدى التشابه بين هذه التحركات إلا أن كل موجة سعرية هي فريدة من نوعها بشكل أو بآخر.
قد يسبب هذا الإدراك قلقاً للمتداول وخوفاً من عدم التمكن من فهم السوق و توقع الحركات المستقبلية. ولكنه في الواقع أمر طبيعي جداً فهناك عوامل كثيرة جداً تؤثر في السوق و هذه العوامل تتغير من وقت لآخر ولذلك من الطبيعي أن تكون كل موجة سعرية مختلفة عن الأخرى.
المتداول الناجح يستغل معرفته بهذا الأمر ليصقل مهاراته في تمييز الأنماط السعرية أكثر حتى و إن بدت مختلفة في كل مرة مما يزيد من ثقته في النهاية في إيجاد الصفقات الناجحة.
لقد تحدثنا في وقت سابق عن أهمية تسجيل الصفقات بشكل مستمر بالنسبة للمتداول وذلك للتعلم من الأخطاء المرتكبة و ترسيخ معرفته بالاستراتيجية المتبعة. فكل صفقة سواء كانت ناجحة أم خاسرة تقدم لنا فرصة جديدة للتعلم ودرساً يضاف إلى كنز المعرفة.
لنأخذ مثالاً عمليا على ذلك:
من أشهر الأنماط السعرية الانعكاسية و أكثرها تكراراً نمط الاختراق الكاذب. ففي نمط الاختراق الكاذب يقوم السعر بتشكيل قمة جديدة تتجاوز القمة السابقة إلى الأعلى أو قاع جديد يخترق القاع السابق إلى الأسفل. يعتبر هذا الاختراق كاذباً بسبب عودة السعر إلى النطاق السعري السابق و عدم تمكنه من الاستقرار بعد اختراق مستوى الدعم أو المقاومة الأخير.
هذا هو المبدأ الرئيسي في نمط الاختراق الكاذب ولكن معرفة هذه القاعدة العامة غير كافٍ للتمكن من تحقيق الأرباح من هذا النمط بشكل مستمر.
يعود ذلك إلى اختلاف توقيت أو نقطة انعكاس السعر في كل مرة، فقد يكون الاختراق ببضع نقاط أو عشرات النقاط فكيف يمكن للمتداول تحديد نقطة الانعكاس الرئيسية؟ الجواب هو بالخبرة و الممارسة وقراءة العديد و العديد من الرسوم البيانية التي تحتوي على هذا النمط السعري.
إن اختلاف التفاصيل في كل صفقة وكل تكرار لنمط سعري معين ليس بالأمر السلبي بل هو في الحقيقة مفيد جداً في تعلم التداول حيث تساعد هذه التفاصيل المختلفة المتداول على تمييز الفرص الناجحة من غيرها. كما تمكنه من توقع فعالية وقوة كل فرصة.
كيف يمكن جعل كل صفقة بداية جديدة ودرس يستفاد منه؟
بعد وصول صفقتك إلى الهدف في حالة الربح أو إلى مستوى الوقف في حالة الخسارة قم بتسجيل التفاصيل التالية:
- عدد الشموع المتشكلة حتى الوصول إلى مستوى أخذ الربح أو وقف الخسارة.
- عدد النقاط التي تحركها السعر بعكس اتجاه الصفقة قبل تحقيق الربح.
- مستوى كل هدف جزئي في الصفقة ونسبته إلى حجم المخاطرة المتمثل بمستوى وقف الخسارة.
إن تسجيل هذه التفاصيل الدقيقة في كل صفقة يمكنك مع مرور الوقت من توقع الفرص الناجحة و تقييم درجة نجاحها، وهذه مهارة لايمكن الحصول عليها من مجرد قراءة الرسوم البيانية أو حتى التداول، عليك بتسجيل هذه التفاصيل بشكل مستمر و بناء قاعدة معرفية خاصة بك.
إن الأسواق المالية موجودة منذ وقت طويل ومستمرة حتى الآن و ستبقى في المستقبل. لاتكن متسرعاً في دراسة السوق أو الدخول في الصفقات خوفاً من ضياع الفرص. يمكنك البداية مجدداً في أي وقت و طي صفحات الخسائر و فتح صفحات جديدة في رحلتك نحو النجاح في عالم التداول، و لكن عليك بالتحلي بالصبر و التعلم من أخطائك وتحويل كل صفقة إلى درس قيم و فرصة جديدة.